وانتصرت جنين أسرجت جياد الشهادة وانطلقت ترسم في الأفق المآذن والقباب وصوت من الغيب نادى: بأس جنين بدايةُ الحساب، بمناسبة انتصار جنين المظفر على العدو الصهيوني أقام تجمع العلماء المسلمين احتفالاً خطابياً في هذه المناسبة في مركزه في حارة حريك تحدث فيه كل من: رئيس مجلس الأمناء في التجمع سماحة الشيخ غازي حنينة، عضو المجلس السياسي في حزب الله مسؤول الملف الفلسطيني الحاج حسن حب الله، عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الشيخ أحمد المدلل، ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة أمل فضيلة الشيخ حسن المصري. حضره عدد من العلماء والشخصيات الديبلوماسية والسياسية والاجتماعية وممثلون عن الأحزاب اللبنانية والفصائل الفلسطينية.

بداية تحدث رئيس مجلس الأمناء في التجمع سماحة الشيخ غازي حنينة قائلاً:
عندما نتكلم عن جنين وعن شباب جنين وعن ثوار جنين نتكلم عن سور وردت في سور القرآن الكريم حيث يقول الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم}يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ {عذاب الفرقة، عذاب الذل والهوان أمام ضربات العدو، عذاب التراجع والخنوع، هذا العذاب يعتبر من أسوأ ما يمكن أن تعذب به أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، أيها الإخوة عندما نستذكر الظروف التي مرت بجنين وأوضاع جنين وظروف جنين، والمقاومون الرساليون على أرض جنين هؤلاء المقاومون الذين حملوا كلما يمكن أن أعطاهم لله عز وجل إياه، فقدموه بين يدي الله تبارك وتعالى، أموالهم وأرواحهم وأنفسهم وزوجاتهم وأولادهم، وكل ما أعطاهم الله عز وجل إياه قدموه بين يدي الله تبارك وتعالى، ولعل أبرز ما يمكن أن نستخلصه من هذه المعارك التي تتكرر بين الفينة والأخرى، بين شهر وآخر أو أشهر وأخر، هو أن هذه المعارك التي يقودها هؤلاء الشباب أكدت للعالم أجمع بطلان إمكانية السلاح الأمريكي أولاً قبل أن نقول السلاح الصهيوني المصنع صهيونياً، وإنما نقول أن هذه المعارك أثبتت فشل السلاح الأمريكي التي تنعم أمريكا ببيعه لدول العالم، ولذلك نقول أيها الإخوة في هذا اليوم الذي نقف فيه لنتكلم عن جنين لا ننسى أرضنا اللبنانية لأننا نحن قوم لا ننسى أرضنا كما قال سماحة السيد حسن حفظه الله، إسرائيل التي تمددت باتجاه بلدة الغجر واستولت على المنطقة اللبنانية ستتراجع عنها، وها هي أمريكا حليفة إسرائيل تقدم كل الآراء التي تطلب من الكيان أن يتراجع عن الغجر، لأن أمريكا ليست الآن بوارد تقديم أي مساعدة عسكرية للعدو الصهيوني لانشغالها في منطقة أخرى من العالم، والعدو الصهيوني هو أفشل من أن يخوض معركة مع المقاومة الإسلامية، مع رجال حزب الله في لبنان، ولذلك نقول أن أرض الغجر سترجع، والعدو الصهيوني سيتراجع عنها، وما هي إلا أيام وستثبت الأحداث صحة مقولتنا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ثم تكلم عضو المجلس السياسي في حزب الله مسؤول الملف الفلسطيني الحاج حسن حب الله قائلاً:
في جنين كما في غزة كما في لبنان، المقاومة حققت انتصاراً كبيراً على العدو، وحققت إنجازاً بعد الانتصار يقضي بأن العدو مرتدع وملجوم من أن يعاود عدوانه ويعاود علينا الكرة في الاستيلاء على أرضنا أو على ثرواتنا وهذا نشاهده بأم العين، في لبنان تحرير كامل باستثناء بعض المناطق في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا غير مأهولة، والتزاماً بقرار الحكومة اللبنانية بأننا نلتزم بما تلتزم به، إلتزمنا بالخط الأزرق، الإسرائيلي حاول أن يمارس سياسته القديمة التي تقوم على فرض الهيمنة بأن يده العليا وعلى سياسة القضم والهضم شيئاً فشيئاً لتعزيز موقعه ولإثبات بأن قراره هو القرار الذي يسري، وأنه لم ينسحب تحت ضربات المقاومة، اليوم جنين أن يخرج ويطلق صاروخ من جنين هذا أمر جديد في الصراع مع العدو، لأن جنين والضفة الغربية منطقة محاصرة من كل الجهات وليس من أشقاء الفلسطينيين وأشقاء أهالي الضفة الغربية، ليس من أشقائهم من يجرؤ أن يساعدهم، أو من ينوي أن يساعدهم، في الشمال المستوطنات الصهيونية، في الغرب إسرائيل، في الجنوب أيضاً إسرائيل والنقب، في الشرق فقط الأردن والأردن تمنع ولا تساعد، بل إذا ما أراد أي عربي أو مسلم أو حر أو مقاوم أن يساعد الفلسطيني في الضفة الغربية فإن الأردن تمنعه، وقد منعته هذا هو الواقع، بعد كل بعد كل هذا أن يخرج السلاح في جنين ويقاوم الجيش الإسرائيلي، قال بساعات ثم استدرك وقال ربما تستمر أيام ثم فجأة توقف، قال لا أستطيع توجد مجموعات مقاتلة ويوجد أسلحة ويوجد رجال شجعان باعوا جماجمهم لله سبحانه وتعالى، الإسرائيلي وقف عاجزاً، هذا إن دل على شيء فإنه يدل على بداية عصر جديد في الضفة الغربية، والضفة الغربية إذا أُفلتت من يد الاحتلال سقطت إسرائيل، وإذا سقطت إسرائيل تحررت الأمة العربية من الهيمنة الإمبريالية والاستكبارية وإلى الأبد.

ثم كانت كلمة لعضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الشيخ أحمد المدلل جاء فيها:
الإخوة الأحباب جميعاً أود بداية أن أعبر عن فخري وسعادتي بحضوري بينكم بين هذه النخب العلمائية والسياسية على أرض لبنان المقاومة، لبنان التي أعطتنا تلك الروح الوثابة من خلال مقاومتها لهذا الاحتلال الصهيوني، هذه المقاومة التي تؤكد بأن فلسطين قضيتها، وأنها كما حررت أرض لبنان وتعمل على تحرير الباقي، فإنها لن تتوانى لحظة عن المشاركة مع المقاومة الفلسطينية داخل فلسطين في تحرير فلسطين كل فلسطين، أملنا معقود في علماء الأمة وهم حملة مشعل النور والعلم والدين والجهاد والمقاومة، هؤلاء الذين يجب عليهم أن يغرسون فلسطين في قلب كل مسلم موحد على وجه الأرض، أن فلسطين والقدس والأقصى هي جزء أساسي من عقيدة المسلمين، ولن تكتمل عقيدة المسلمين إلا بالجهاد من أجل تحرير فلسطين، ثقافة المقاومة يا سادة بالنسبة للشعب الفلسطيني هي الثقافة الحقيقية والوعي المقاوم هو الذي يتحرك في عقل ووجدان ومشاعر الشعب الفلسطيني، وكنا دائماً نقول لأهلنا في الضفة الغربية لا يمكن أن ندحر الاحتلال عن أرض الضفة الغربية إلا بنفس الأسلوب والمنهج الذي استطاعت المقاومة أن تدحره عن قطاع غزة، والضفة الغربية وما أدراك ما الضفة الغربية تمثل للاحتلال الصهيوني بعدين أولاً البعد العقائدي الأيديولوجي، حيث أن في الثقافة اليهودية يعتبرون أن أرض الضفة الغربية هي أرض يهودا والسامرة هي مملكة إسرائيل الحقيقية وأورشليم هي العاصمة الأبدية لإسرائيل.
البعد الثاني وهو البعد الأمني والعسكري للضفة الغربية من خلال تضاريسها من خلال جبالها من خلال مساراتها، لذا أي مقاومة في الضفة الغربية هي حالة استنزاف للاحتلال الصهيوني، كنا حريصين في الجهاد الإسلامي وفي حركات المقاومة أن تثور الضفة الغربية وأن يستنهض مقاومتهم من جديد، لذا كانت كلمات القائد العسكري مسؤول الدائرة العسكرية في حركة الجهاد الإسلامي أن أبواب سرايا القدس مشرعة لكل مقاوم حر فلسطيني من الجهاد الإسلامي ومن غير الجهاد الإسلامي لأن يأتي ليحمل السلاح ويقاوم الاحتلال، وكان تأسيس كتيبة جنين التي تمددت بعد ذلك في كل أنحاء الضفة الغربية ومعها كتائب المقاومة، كتائب القسام، كتائب شهداء الأقصى، كتائب أبي علي مصطفى وكل الكتائب وكل المقاومين، لذا شعر الاحتلال الصهيوني بأن جنين وأصبحت هي الرمز الحقيقي للمقاومة، وأن جنين يجب أن تنكسر كما حاول سابقاً قبل عشرين عاما. إذاً من ترونه اليوم من مقاومي جنين هؤلاء الذين صنعوا ملحمة حقيقية في مواجهة الاحتلال الصهيوني هم هذا الجيل الذي لم يكن مولوداً في معركة جنين السابقة قبل عشرين عاماً سبعة عشر، ثمانية عشر، بداية العشرينات فقط هم هؤلاء المقاومون لكنهم أذاقوا الاحتلال الويلات واستنزفوه في كل لحظة من لحظات حياته، وجعلوا من الضفة الغربية إنما هي نار جهنم على الاحتلال في كل مناطق الضفة الغربية.

ختاماً تكلم نائب رئيس المكتب السياسي لحركة أمل فضيلة الشيخ حسن المصري:
عظيم الإجلال والإكبار للجنود الذين امتشقوا السلاح في أزقة جنين لتلقن الصهاينة درساً فوق دروسهم وهي المدينة والمخيم التي حفرت اسمها عميقاً في كتاب الصراع مع العدو الإسرائيلي فمنذ عام 1948 وحتى اليوم وطوال فترات الصراع مع هذا العدو كانت جنين عنواناً للصمود والبطولة وبيرق المقاومة وعنوانها، وهي التي لم تنحني يوماً للعدو الإسرائيلي فاستحقت بجدارة لقب المدينة المقاومة، أهلها اللاجئون إليها مقابر الجنود العراقيين في ثراها، مآثرها في عام 67 انتفاضة 2002 كل هذا يجعل منها شوكة في عيون الأعداء، بل خنجراً في قلب المشروع الصهيوني، عندما نتكلم عن جنين عن الفتية الذين نشأوا في المخيم وهم من جيل ما بعد النكبة والنكبة يعلنون إصرارهم على طرد المحتل ومواجهته ودحره عن أرضهم وحقهم في التمسك بالحياة الحرة الأبية، فهم لا يقدمون دروساً في النضال والقتال فقط، ولا البذل والشهادة، بل يسقطون أهم نظرية راهن مؤسسوا إسرائيل عليها سنداً لبقائهم وقوتهم، نظرية واهية ومقولة فاشلة عندما قالوا “الكبار يموتون والصغار ينسون” أيها السادة فلسطين وشعبها المقاوم في ملحمة صموده ومقاومته اليوم لم يعد بحاجة إلى بيانات التأييد له واستنكار مجازر العدو، بل هو بحاجة إلى خطوات عملية داعمة كل منا في موقعه وبما يمثل، فنحن اليوم علماء الأمة، علماء الإسلام في مختلف بلداننا ومذاهبنا يسقط شرف انتمائنا وبهاء وقدسية ما نعتمر إن لم نطلق تياراً دينياً رسالياً شعبياً يلتف حول القبلة الأولى وثالث الحرمين. ومن هنا نوجه باسمكم جميعاً وباسم شهداء جنين التحية الكبرى إلى الجزائر بلد الشهداء والذي سارع للتبرع بمبلغ ثلاثين مليون دولار لإعادة إعمار ما دمره العدو ونتمنى أن تصيب العدوى الجزائرية بقية البلاد العربية والإسلامية لاحتضان مقاومة الشعب الفلسطيني وتعزيز صموده.
إن ما نتصارع عليه مع عدونا هو بالإضافة إلى الأرض والمقدسات هو مصير أمة حضارتها، مستقبلها، دينها، هويتها، فإما استحضار لروح بدر وخيبر والخندق، وإما الاستنقاع في مهاوي المذلة والخسران، نعم هذا هو عنوان صراعنا مع عدونا الذي يحتل ولا يزال يحتل جزءاً من أرضن ، المسألة ليست مسألة خيمتين، هاتان الخيمتان قد تتحولان إلى ناطحات سحاب على حدودنا لأنها مغروسة في أرضنا ونحن الأولى بإدارة هذه الأرض، المسألة ليست مسألة خيمة هنا، وخيمة هناك المسألة هي مسألة تحرير أرض، عزة شعب، كرامة بلد، عنفوان مقاومين وشهداء تحت الأرض هذه هي المسألة، المسألة ليست جنوب لبنان فقط المسألة هي فلسطين كل فلسطين من النهر إلى البحر .